حقيقة معارضة ابن مسعود لجمع عثمان
معارضة عبد الله بن مسعود لجمع القرآن في عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: لابدَّ وأن نعلم أن معارضة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ليست بسبب حصول تقصير في الجمع أو نقص أو زيادة، وإنما المعارضة لعدم اختياره في لجنة نسخ المصاحف، قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: “أُعزل عن نسخ المصاحف وتولاها رجل والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر”. تفسير القرطبي.
قال ابن شهاب: “فبلغني أن ذلك كرهه من مقالة ابن مسعود رجال من أفاضل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم”. أخرجه الترمذي.
أبو بكر الأنباري ودفاعه عن اختيار زيد:
قال أبو بكر الأنباري: ” الاختيار لم يكن لزيد.. إلا أن زيدًا حفظ القرآن كله وعاه كله في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو أحفظ من عبدالله بن مسعود.
ولا يظن جاهل أن هذا فيه تقليل من شأن عبد الله بن مسعود؛ وحفظ زيد للقرآن ليس موجبًا لتقديمه على عبدالله بن مسعود.
وزيد بن ثابت كان زيد أحفظ للقرآن من أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- فهل معنى ذلك أنه خير منهما؟ ليس بخيرٍ منهما ولا مساويٍ لهما في الفضل، والمكانة.
ما ظهر من عبد الله بن مسعود من معارضته فناتج عن الغضب، ولا يؤخذ به، ولا يُظن أنه -رضي الله عنه- بعد زوال الغضب عنه، قد قبل حسن اختيار عثمان للجنة نسخ المصاحف.
قال الذهبي: ” ورد أن ابن مسعود قبِل وتابع عثمان ولله الحمد”.
قال ابن كثير: ” روي عن عبد الله بن مسعود شيء من الغضب؛ لعدم اختياره من كتبة المصاحف إلى أن قال.. ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق”.
وغضب عبدالله بن مسعود كان بسبب أن رأى استحقاقه لهذه المهمة، وأراد أن لا يفوت هذا الأجر العظيم في هذه المهمة العظيمة، فقد قال عن نفسه: «مَا نَزَلَتْ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلا وَأَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ نَزَلَتْ؟ وَمَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلا وَأَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ نَزَلَتْ؟ وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَحَدًا تَبْلُغُهُ الإِبِلُ أَعْلَمُ مِنِّي لأَتَيْتُهُ».