تعريف التخريج
التخريج لغةً: مصدر الفعل خرَّج بمعنى أظهر وأبرز، فالتخريج هو الإظهار والإبراز.
وفي الاصطلاح: عزو الحديث إلى مصادره الأصلية المسندة، أو ما ينوب عنها، مع بيان درجة الحديث غالبًا.
فهو إذًا العلم الذي يهتم بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سندًا ومتنًا، أي روايةً ودرايةً، ويعزو هذه الأحاديث إلى مصادرها الأصلية، ويحكم عليها، ويبين درجتها.
شرح التعريف:
(عزو الحديث): أي ذكر أسماء مصادره، فيقال: رواه فلان وفلان، أو: أخرجه فلان وفلان.
(المصادر الأصلية): هي الكتب التي تروي الحديث بالإسناد.
(ما ينوب عنها): المراد بها المصادر الفرعية التي يرجع إليها عند تعذر الرجوع إلى المصادر الأصلية، ويدخل تحتها الأنواع التالية:
الكتب المسندة التي تروي بالإسناد عن كتب مسندة، مثل «السنن الكبرى» للبيهقي.
الكتب التي تنقل الحديث كاملاً مع إسناده، مثل كتاب «المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية» لابن حجر، فهو يذكر الحديث كاملاً بإسناده ومتنه. ومثله أيضا «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير.
الكتب التي تنقل الإسناد كاملاً مع طرف المتن، مثل كتب الأطراف ككتاب «تحفة الأشراف» للمزي، و«إتحاف المهرة بأطراف العشرة» لابن حجر.
الكتب التي تنقل المتن كاملاً مع عزو الحديث إلى أحد المصادر الأصلية، مثل كتب التخريج المختلفة، ومثل كتاب «الجامع الصغير» للسيوطي، وكذلك «الجامع الكبير» له، ومثل «مجمع الزوائد» للهيثمي.
أما الكتب التي تنقل الحديث نقلاً مجردًا بدون إسناد وبدون عزو إلى مصدر أصلي، فلا تعد من المصادر المعتمدة في التخريج.
(مع بيان درجة الحديث): أي من حيث القبول والرد، ولذلك سبيلان: الأول: سبيل أهل التقليد. والثاني: سبيل أهل الاجتهاد.
فمن كان لا يملك الأهلية لدراسة الأسانيد والحكم عليها، فليس أمامه إلا تقليد إمام متبوع في هذا الباب (باب نقد الأخبار).
وأما من كان يملك الأهلية فإنه يبذل وسعه وجهده في دراسة الحديث وفق قواعد علماء الفن، ثم يجتهد في الحكم عليه مستفيدا من كلام أهل العلم السابقين.
(غالبًا): لاشك أن غالب كتب التخريج تعتني بالحكم على الحديث؛ لأنه الثمرة الأخيرة من العزو ودراسة الإسناد. لكن قد يقوم المخرّج بتخريج الحديث ولا يحكم عليه بحكمٍ ما، وهذا يحصل حتى في كتب التخريج المشهورة مثل (التلخيص الحبير) ، و (نصب الراية) ، ويكثر عند ابن كثير في كتابه (تحفة الطالب في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب) ، و (تخريج أحاديث الشفا) للسيوطي، فهؤلاء يكتفون بالعزو فقط ولا يحكمون على الحديث غالبًا.
وعليه يتضح من ذلك أن الحكم على الحديث ليس شرطًا في التخريج، لكن غالب كتب التخريج تتضمن الحكم على الحديث.
وقد يلجأ الباحث إلى عدم الحكم لعدم جزمه بحكمٍ على الحديث، فقد يدرس الإسناد ويتوقف في الحكم؛ لأن عِلمه قاده إلى التوقف في الحكم على الحديث.