الوحي
تعريف الوحي:
الوحي لغة:
الوحي في اللغة: الإعلام في خفاء.
الوحي شرعًا:
الوحي بمعنى الموحى، هو: كلام الله تعالى المنزل على أحد أنبيائه.
الوحي بمعنى الإيحاء، هو: إعلام الله لأحد أنبيائه بحكم شرعي أو نحوه.
الفرق بين تعريف الوحي لغة وشرعًا:
الفرق بينهما هو الفرق بين العام والخاص.
الوحي بالمعنى اللغوي عام يشمل كل “إعلام في خفاء”، وبالمعنى الشرعي خاص بما كان من الله تعالى لأنبيائه.
طُرُق الوحي:
قال الراغب الأصفهاني:
- الكلام على سبيل الرمز والتعريض.
- الصوت المجرد عن التركيب.
- الإشارة ببعض الجوارح.
- الكتابة.
أنواع الوحي بالمعنى اللغوي:
الوحي من الله:
- للملائكة: وهو ما يلقيه الله إلى ملائكته من أمر ليفعلوه:
- قال تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأنفال: 12].
- وقال سبحانه: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10]، والمعنى: فأوحى جبريل إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- ما أوحى الله إليه.
- للبشر: عن طريق الإلهام الفطري أو إلهام الخواطر:
- كالوحي إلى أم موسى، قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ … } [القصص: 7].
- والوحي إلى الحواريين، قال تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة: 111].
- للحيوان: عن طريق الإلهام الغريزي:
- كالوحي إلى النحل، قال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [النحل: 68].
- للجمادات:
- قال تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا . وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا . وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا . يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 1-5].
- وقال تعالى: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: 12].
الوحي من المخلوق:
- من البشر: عن طريق الإشارة السريعة بجارحة من الجوارح:
- كإيحاء زكريا عليه السلام إلى قومه: قال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11].
- من الشياطين: عن طريق السوسة:
- قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام: 121].
- وقال سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112].
أنواع الوحي بالمعنى الشرعي:
- ما يكون منامًا:
وهو أول مراتب الوحي، كما في حديث عائشة رضي الله عنها: “أول ما بدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة -وعند مسلم الصادقة- في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح الحديث” أخرجه البخاري.
-
- الرؤيا ليست مقتصرة على الفترة الأولى من الوحي، بل وقعت بعد ذلك، قال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ} [الفتح: 27].
- الرؤيا ليست خاصة بالنبي –صلى الله عليه وسلم- بل قد وقعت لسيدنا إبراهيم عليه السلام كما في قوله تعالى: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ . فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ . وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: 102-105].
- ما كان مكالمة بين العبد وربه:
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى: 51]، ومن هذا النوع:
-
- تكليم الله سبحانه وتعالى لموسى -عليه السلام-: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}.
- تكليم الله لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج، قال صلى الله عليه وسلم: “فأوحى الله إليّ ففرض عليّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة” أخرجه مسلم.
- ما يكون إلهامًا يقذفه الله في قلب نبيه:
مثل: حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها، ألا فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب“.
- ما يكون بواسطة أمين الوحي جبريل -عليه السلام-:
- وهذا النوع هو الأشهر والأكثر، والقرآن كله من هذا النوع، ولم ينزل شيء من القرآن على النبي بغير هذا النوع، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192 – 195].
- وقوله سبحانه: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 102].
وحي الله للملائكة:
وحي الله للملائكة في القرآن:
ذُكِرَ إيحاء الله للملائكة في القرآن في قوله: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأنفال: 12]،وقوله: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30].
وصف وحي الله للملائكة في السنة:
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فـ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} قالوا للذي قال: {الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.. ” أخرجه البخاري. وغير ذلك من أحاديث.
- وعن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي، فإذا تكلم أخذت السموات منه رجفة -أو قال رعدة- شديدة خوفًا من الله -عز وجل-، فإذا سمع ذلك أهل السموات صعقوا وخروا لله سجدًا، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة كلما مر بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: {قال الحق وهو العلي الكبير} فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل“.
- وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا قال: فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل فإذا أتاهم جبريل فزع عن قلوبهم، فيقولون يا جبريل: ماذا قال ربك؟ قال: يقول الحق، قال: فينادون: الحق الحق“.
الوحي من حيث التبليغ قسمان:
- قسم أجمع عليه العلماء: وهو ما بلَّغه جبريل للنبي كما سمعه من غير زيادة ولا نقصان.
- قسم مختلف فيه بين العلماء: وهو بلغه جبريل للنبي بالمعنى، أو هما معًا بالمعنى.
وحي الله لرسله يكون:
1- بواسطة:
- الوحي عن طريق أمين الوحي جبريل -عليه السلام-:
وهذا النوع هو الأشهر والأكثر، والقرآن كله من هذا النوع، ولم ينزل شيء من القرآن على النبي بغير هذا النوع، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192 – 195]، وقوله سبحانه: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 102].
2- بدون واسطة:
- الوحي عن طريق المنام: وهو أول مراتب الوحي، كما في حديث عائشة -رضي الله عنها-: (أول ما بدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة -وعند مسلم الصادقة- في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح الحديث” أخرجه البخاري.
-
- الرؤيا ليست مقتصرة على الفترة الأولى من الوحي، بل وقعت بعد ذلك، قال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ} [الفتح: 27].
- الرؤيا ليست خاصة بالنبي –صلى الله عليه وسلم- بل قد وقعت لسيدنا إبراهيم عليه السلام كما في قوله تعالى: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ . فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ . وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: 102-105].
- الوحي عن طريق الكلام بين العبد وربه: قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى: 51]، ومن هذا النوع:
-
- تكليم الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}.
- تكليم الله لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في رحلة المعراج، قال -صلى الله عليه وسلم-: “فأوحى الله إليّ ففرض عليّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة” أخرجه مسلم.
- الوحي عن طريق الإلهام الذي يقذفه الله في قلب النبي: مثل: حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها، ألا فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب“.
الوحي في هذه الحالة اتصال بين ملَك وبشر، لا بدَّ من أمرين: انخلاع النبي من الصورة البشرية للصورة الملكية، أو انخلاع الملَك من الصورة الملكية للصورة البشرية، وهذه الثانية أيسر من الأولى.
كيفية وحي الملك إلى الرسول:
وحي الملك إلى الرسول يكون بإحدى حالتين:
الأولى: أن يأتيه مثل صلصلة الجرس: وهو أشد على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وهذه الحالة:
- يسمع فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- صوتًا مثل الصلصلة، ويسمعه الصحابة -رضي الله عنهم- مثل دوي النحل.
- أنها الأشد على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- يعرق فيها النبي عرقًا شديدًا.
- يثقل فيها جسم النبي ثقلًا شديدًا.
- يغط فيها النبي كغطيط النائم.
الثانية: أن يأتيه يأتي جبريل -عليه السلام- في صورة بشر: وهو أخف على النبي من الحالة السابقة، فيأتي الملك بصورة دحية الكلبي مثلاً.
وكلتا الحالتين مذكور فيما رُوِيَ عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: “يا رسول الله.. كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشد عليَّ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي المَلَكُ رجلًا فيكلمني فأعي ما يقول“.
وروت عائشة -رضي الله عنها- ما كان يصيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من شدة فقالت: “ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا“.
المصادر:
- دراسات في علوم القرآن – محمد بكر إسماعيل.
- دراسات في علوم القرآن – د. فهد الرومي.
- المحرر في علوم القرآن – د. مساعد الطيار.