الإخفاء الحقيقي
الإخفاء الحقيقي: هو الحكم الرابع من أحكام النون الساكنة والتنوين:
أوَّلاً: تعريفه:
الإخفاء لغةً: الستر، تقول: أخفيت الشيء أي سترته.
واصطلاحًا: هو عبارة عن النطق بحرف ساكن عار عن التشديد على صفة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة في الحرف الأول.
ثانيًا: حروفه:
حروف الإخفاء الحقيقي خمسة عشر وهي: الباقية من أحرف الهجاء بعد أحرف الإظهار والإدغام والإقلاب وقد جمعها الشيخ الجمزوري في أوائل هذا البيت:
صِفْ ذا ثَنَا كَمْ جَادَ شَخْصٌ قَدْ سَمَا .-. دُمْ طَيِّبًا زِدْ فـي تُقًى ضَعْ ظَالِمًا
فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد النون الساكنة من كلمة أو من كلمتين أو بعد التنوين وجب الإخفاء.
ثالثًا: وجهُ تسميتِهِ إخفاء حقيقيًا:
- سمي إخفاءً: لإخفاء النون الساكنة والتنوين عند هذه الحروف.
- سمي حقيقيًا: لتحقق الإخفاء في النون الساكنة والتنوين أكثر من غيرهما، ولاتفاق العلماء على تسميته كذلك.
رابعًا: سببه:
هو أن مخرج النون الساكنة والتنوين لم يقرب من مخرج الحروف المذكورة كقربه من مخرج حروف الإدغام فيدغما، ولم يبعد عن مخرج هذه الأحرف كبعده عن مخرج حروف الإظهار فيظهرا، فلما عُدم القرب الموجب للإدغام والبعد الموجب للإظهار أُعْطِيَا حكمًا متوسطًا بين الإظهار والإدغام وهو الإخفاء.
خامسًا: كيفيتُهُ:
أن ينطق بالنون الساكنة والتنوين غير مظهرين إظهارًا محضًا، ولا مدغمين إدغامًا محضًا بل بحالة متوسطة بين الإظهار والإدغام، عاريين عن التشديد مع بقاء الغنة فيهما.
وليحترز من إلصاق اللسان فوق الثنايا العليا عند إخفاء النون.
سادسًا: شواهده:
- قال سليمان الجمزوري في متن التُّحْفَةِ:
وَالرَّابِعُ الإِخْفَاءُ عِنْدَ الْفَاضِلِ .-. مِنَ الحُرُوفِ وَاجِبٌ لِلْفَاضِلِ
فِي خَمْسَةٍ مِنْ بَعْدِ عَشْرٍ رَمْزُهَا .-. فِي كِلْمِ هَذَا البَيْتِ قَد ضَّمَّنْتُهَا
صِفْ ذَا ثَنَا كَمْ جَادَ شَخْصٌ قَدْ سَمَا .-. دُمْ طَيِّبًا زِدْ فِي تُقًى ضَعْ ظَالِمَا
- قال الطيبي في متن المفيد في التجويد:
وَعِنْدَ بَاقِي أَحْرُفِ الْهِجَاءِ قَدْ .-. أَخْفَوْهُمَا بِغُنَّةٍ كَمَا وَرَدْ
- قال عثمان بن سليمان مراد في متن السلسبيل الشافي في علم التجويد:
.-. وَأَخْفِ قَبْلَ فاضِلِ الهِجاءِ
صِفْ ذَا ثَنا كَمْ جادَ شَخْصٌ قَدْ سَما .-. دُمْ طَيِّباً زِدْ في تُقًي ضَعْ ظالِمًا
- قال الجزري في متن الجزرية:
… كذا .-. إخفا لدى باقي الحروف أخذا
سابعًا: أمثلة:
- الصاد: {يُنصَرُونَ} [البقرة: 86]، {أَن صَدُّوكُمْ} [المائدة: 2]، {رِيحًا صَرْصَرًا} [القمر: 19].
- الذال: {لِّيُنذِرَ} [الأحقاف: 12]، {مِّن ذَكَرٍ} [آل عمران: 195]، {سِرَاعًا ذَلِكَ} [ق: 44].
- الثاء: {مَّنثُورًا} [الدهر: 19]، {أَن ثَبَّتْنَاكَ} [الإسراء: 74]، {أَزْوَاجًا ثَلاَثَةً} [الواقعة: 7].
- الكاف: {أَنكَالاً} [المزمل: 12]، {مِن كُلٍّ} [المؤمنون: 27]، {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: 26].
- الجيم: {فَأَنجَيْنَاهُ} [الشعراء: 119]، {مَن جَآءَ} [الأنعام: 160]، {قَوْمًا جَبَّارِينَ} [المائدة: 22].
- الشين: {مَنْشُورًا} [الإسراء: 13]، {فَمَن شَآءَ} [الدهر: 29]، {والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [البروج: 29].
- القاف: {يُنقَذُونَ} [يس: 43]، {وَإِن قِيلَ} [النور: 28]، {إِنَّ الله عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [النحل: 70].
- السين: {مَا نَنسَخْ} [البقرة: 106]، {مِّن سَيِّئَاتِكُمْ} [البقرة: 271]، {وَرَجُلاً سَلَمًا} [الزمر: 29].
- الدال: {وَعِندَهُ} [الأنعام: 59]، {وَمَن دَخَلَهُ} [آل عمران: 97]، {مُّسْتَقِيمٍ دِينًا} [الأنعام: 161].
- الطاء: {انطلقوا} [المرسلات: 29]، {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230]، {صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43].
- الزاي: {أَنَزَلَ} [الرعد: 17]، {مِّن زَوَالٍ} [إبراهيم: 44]، {وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37].
- الفاء: {يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3]، {إِن فِي صُدُورِهِمْ} [غافر: 56]، {على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [البقرة: 184، 185].
- التاء: {مُّنتَهُونَ} [المائدة: 91]، {إِن تَتُوبَآ} [التحريم: 4]، {زَرْعًا تَأْكُلُ} [السجدة: 27].
- الضاد: {مَّنْضُودٍ} [هود: 82]، {مِّن ضُرٍّ} [المؤمنون: 75]، {وَكُلاً ضَرَبْنَا} [الفرقان: 39].
- الظاء: {فانظر} [النمل: 14]، {ظِلاً ظَلِيلاً} [النساء: 57]، {إِن ظَنَّآ} [البقرة: 230].